الأحد، 17 يوليو 2016

نهر الكريستال في كولومبيا

يقع النهر في شمال كولمبيا في سييرا دي لوس ماكارينا ويبلغ طوله 100 كم و20 متر عرضا وساهمت عوامل عدة في تلوين هذا النهر بهذه الالوان من بينها الطحالب والنباتات التي تصبغ القاع باللون الاخضر والبني،ويعتبر نهر الكريستال من اجمل انهار العالم.

الأربعاء، 30 مارس 2016

حقيقه


حقيقه



ﻭﻗﻒ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﺼﻴﺪﻟية ﺑﺴﻴﺎﺭﺗﻪ  ﺍﻟﻔﺨﻤﺔ .. ﻭﻟﻢ ﻳﻨﺰﻝ !!
ﻭﺃﺧﺬ ﻳُﺸﻴﺮ  ﻟﻠﺼّﻴﺪﻻﻧﻲ ﺑﺄﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﻷﺧﺬ ﺍﻟﻮﺻﻔﺔ  ﻟﻴﺼﺮﻑ ﻟﻪ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ، ﻭﻟﻜﻦّ ﺍﻟﺼّﻴﺪﻻﻧﻲ ﺭﻓﺾ ﻭﻏﻀﺐ !! ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ : ﻛﻴﻒ ﻟﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻟﺼَّﻴﺪﻻﻧﻲ ﺃﻥ ﺃﺧﺮﺝ ﻷﺻﺮﻑ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤﻐﺮﻭﺭ ﺍﻟﺪّﻭﺍﺀ  ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺑﺤﺎﺟﺘﻪ !!
ﺃﻧﺎ ﻟﺴﺖُ ﺑﺼﺎﺣﺐ ﺑﻘﺎﻟﻪ .. ﺃﻧﺎ ﻟﺴﺖُ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ .. ﺃﻧﺎ .. ﻭﺃﻧﺎ .. ﻭﺃﻧﺎ .. ﻓﺄﺷﺎﺭ ﻟﻪ ﺍﻟﺮَّﺟﻞ ﻣﺮَّﺓ ﻭﻣﺮَّﺗﻴﻦ , ﻭﻗﺎﺑﻠﻪ ﺑﺎﻟﺮَّﻓﺾ !! ﻭﺃﻧّﻪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻨﺰﻝ ﻣﻦ " ﻗﺼﺮﻩ ﺍﻟﻌﺎﺟﻲ " ﻟﻴﺼﺮﻑ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺪﺍﻭﺀ , ﻭﺇﺫ ﺑﺎﻣﺮﺃﺓٍ ﻋﺠﻮﺯ ﺗﻨﺰﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ .. ﻟﺘﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ  ﺍﻟﻤُﺘﺤﺮِّﻙ .. ﻟﻴﺮﻛﺐ " ﺇﺑﻨﻬﺎ  ﺍﻟﻤﻌﺎﻕ " ﻭﻳﺼﺮﻑ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺪﻭﺍﺀ !!! ﻭﻟﻜﻢ ﺃﻥ ﺗﺘﺨﻴَّﻠﻮﺍ ﻣﻮﻗﻒ ﺍﻟﺼَّﻴﺪﻻﻧﻲ ..
اشراقة :
ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً .... ﻧﺘﺴﺮَّﻉُ ﻓﻲ ﺗﺼﺮُّﻓﺎﺗﻨﺎ ﻭﻧﺼﻞ ﻟﻠﺠﺮَﺡ !!
ﻭﻻ ﻧﻌﺮﻑ ﺳﺒَﺐ ﻫﺪﻭﺀ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﺻَﻤﺘﻬﻢ !!
ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﺎ ﻧﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ !!
ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﺎ ﻧُﺤﺎﺳﺐُ ﺃﻧﺎﺳﺎً ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﻢ ﺫﻧﺐٌ ﺑﺎﻷﺳﺎﺱ !!
ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﺎ ﻧﺪَّﻋﻲ ﺃﻧﻨﺎ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺤﻖ ، ﻓﻲ ﻇﻞ ﺃﻥّ ﺍﻟﺤﻖَّ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻨﺎ !!
ﻭﺃَﻛﺜﺮ ﻣَﺎ ﻗﺪ ﻳُﺆﻟﻤﻨﺎ :
" ﻫِﻲَ ﺗِﻠﻚَ ﺍﻷﺷﻴَﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻧُﺪﺭﻙ ﺣﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻮَﺍﺕ ﺃﻭﺍﻧﻬﺎ "

يستند الارهاب الى ما ورد في سورة التوبة المباركة جهلا منهم لمعاني ومقاصد الايات المباركة لقطع الرؤس وتدمير معالم الحياة ونشر فتاوى فاسقة ممن خلت جماجمهم من اي علم او ركن وثيق .......الأَمْثَلُ في تفسير كتابِ اللهِ المُنزَل

يستند الارهاب الى ما ورد في سورة التوبة المباركة
جهلا منهم لمعاني ومقاصد الايات المباركة
لقطع الرؤس وتدمير معالم الحياة
ونشر فتاوى فاسقة
ممن خلت جماجمهم من اي علم او ركن وثيق
الأَمْثَلُ في تفسير كتابِ اللهِ المُنزَل
طبعة جديدة منقّحة مع إضافات
تَأليف
العلاّمة الفقيه المفسّر آية الله العظمى
الشَيخ نَاصِر مَكارم الشِيرازي
المجَلّد السادس
[5]
الآيات
وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَـرَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَهِهِمْ يُضَـهؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ قَـتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ(30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَـنَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَـهاً وَحِداً لاَّإِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَـنَهُ عمّا يُشْرِكُونَ(31) يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ اِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَـفِرُونَ(32) هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الَّدِينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ(33)
التّفسير
شرك أهل الكتاب:
كان الكلام في الآيات المتقدمة بعد الحديث عن المشركين وإِلغاء عهودهم وضرورة إزالة دينهم ومعتقداتهم الوثنية يشير بعد ذلك إِلى أهل الكتاب وقد حدد الإِسلام لهم شروطاً ليعيشوا بسلام مع المسلمين، فإنّ لم يفوا بها كان على المسلمين أن يقاتلوهم.
[6]
وفي الآيات محل البحث بيان لوجه الشبه بين أهل الكتاب والمشركين، ولا سيما اليهود والنصارى منهم، ليتّضح أنّه لو كان بعض التشدد في معاملتهم، فإنّما هو لإِنحرافهم عن التوحيد، وميلهم إِلى نوع من الشرك في العقيدة، ونوع من الشرك في العبادة.
فتقول الآية الأُولى من الآيات محل البحث: 
(وقالت اليهود عزيزٌ ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون).
* * *
بحوث
1 ـ من هُوَ عزيرٌ؟!
«عزير» في لغة العرب هو «عزرا» في لغة اليهود، ولمّا كانت العرب تغيّر في بعض الكلمات التي تردها من لغات أجنبية وتجري على لسانها، وذلك كما هي الحال في إِظهار المحبّة خاصّة فتصغر الكلمة، فصغرت عزرا إِلى عُزير، كما بُدلت كلمة يسوع العبرية إِلى عيسى في العربية، ويوحنا إِلى يحيى.(1)
وعلى كان حال، فإن عزيراً ـ أو عزرا ـ له مكانة خاصّة في تاريخ اليهود، حتى أن بعضهم زعم أنّه واضع حجر الأساس لأُمّة اليهود باني مجدهم وفي الواقع فإنّ له خدمةً كبرى لدينهم، لأنّ بخت نصر ملك بابل دمر اليهود تدميراً في واقعته المشهورة، وجعل مُدُنَهم، تحت سيطرة جنوده فأبادوها، وهدموا معابدهم، وأحرقوا توراتهم، وقتلوا رجالهم، وسبوا نساءهم، وأسروا أطفالهم، وجيء بهم إِلى بابل فمكثوا هناك حوالي قرن.

1 ـ المراد من التصغير عادةً هو بيان كون الشيء صغيراً في قبال شيء آخر كبير، مثل رجيل المصغر عن رجل، لكن للتصغير أغراضاً بلاغية منها إِظهار المحبّة وغيرها، كما في اظهار الرجل محبته لولده فيصغّر إِسمه.

ولما فتح كورش ملك فارس بابل جاءه عزرا، وكان من أكابر اليهود، فاستشفعه في اليهود فشفّعه فيهم، فرجعوا إِلى ديارهم وكتب لهم التّوراة ـ ممّا بقي في ذهنه من أسلافه اليهود وما كانوا قد حدّثوا به ـ من جديد.
ولذلك فهم يحترمونه أيما احترام، ويعدّونه منقذهم ومحيي شريعتهم.(1)
وكان هذا الأمر سبباً أن تلقبه جماعة منهم بـ «ابن الله» غير أنّه يستفاد من بعض الرّوايات ـ كما في الإِحتجاج للطبرسي ـ أنّهم أطلقوا هذا اللقب احتراماً له لا على نحو الحقيقة.
ولكنّنا نقرأ في الرّواية ذاتها أنّ النّبي سألهم بما مؤدّاه (إذا كنتم تُجلّون عزيراً وتكرمونه لخدماته العظمى وتطلقَون عليه هذا الاسم، فعلامَ لا تسمّون موسى وهو أعظم عندكم من عزير بهذا الاسم؟ فلم يجدوا للمسألة جواباً وأطرقوا برؤوسهم)(2).
ومهما يكن من أمر فهذه التسمية كانت أكبر من موضوع الإِجلال والإِحترام في أذهان جماعة منهم، وما هو مألوف عند العامّة أنّهم يحملون هذا المفهوم على حقيقته، ويزعمون أنّه ابن الله حقّاً، لأنّه خلصهم من الدمار والضياع ورفع رؤوسهم بكتابة ا لتوراة من جديد.
وبالطبع فهذا الإِعتقاد لم يكن سائداً عند جميع اليهود، إلاّ أنّه يستفاد أنّ هذا التصّور أو الإِعتقاد كان سائداً عند جماعة منهم، ولا سيما في عصر النّبي محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، والدليل على ذلك أنّ أحداً من كتب التاريخ، لم يذكر بأنّهم عندما سمعوا الآية آنفة الذكر احتجوا على النّبي أو أنكروا هذا القول «ولو كان لبان».
وممّا قلناه يمكن الإِجابة على السؤال التّالي: أنّه ليس بين اليهود في عصرنا الحاضر من يدعي أنّ عزيراً ابن الله ولا من يعتقد بهذا الإِعتقاد، فعلام نسب
____________________________
1 ـ يراجع في هذا الشأن الميزان، ج 9، ص 253، والمنار، ج 10، ص 322.
2 ـ نور الثقلين، ج 6، ص 205، حديث طويل نقلنا خلاصته معناً لا نصاً، وإذا أردتم المزيد راجعوا المصدر المذكور.

القرآن هذا القول إِليهم؟!
وتوضيح ذلك، أنّه لا يلزم أن يكون لجميع اليهود مثل هذا الإِعتقاد، إِذ يكفي هذا القدر المسلم به، وهو أنّه في عصر نزول الآيات على النّبي محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) كان في اليهود من يعتقد بهذا الإِعتقاد، والدليل على ذلك كما نوّهنا، هو أنّه لم ينكر أيّ منهم ذلك على النّبي والشيء الوحيد الذي صدر منهم ـ وفقاً لبعض الرّوايات ـ أنّهم قالوا: إِنّ هذا اللقب «ابن الله» إِنّما هو لإِحترام عزير، وقد عجزوا عن جواب لمّا سألهم وأشكل عليهم: لم لا تجعلون هذا اللقب إِذاً لنبيّكم موسى(عليه السلام)؟!
وعلى كل حال فمتى ما نسب قول أو اعتقاد إِلى قوم ما، فلا يلزم أن يكون الجميع قد اتفّقوا على ذلك، بل يكفي أن يكون فيهم جماعة ملحوظة تذهب إِلى ذلك.
2 ـ لم يكن المسيحُ ابن اللهِ
لا ريب أن المسيحيين يعتقدون أن عيسى هو الابن الحقيقي لله، ولا يطلقون هذا الاسم إِكراماً وتشريفاً له، بل على نحو المعنى الواقعي له، وهم يصرّحون في كتبهم أن إِطلاق هذا الاسم على غير المسيح بالمعنى الواقعي غير جائز، ولاشك أنّ هذا من بدع النصارى، والمسيح لم يدّعِ مثل هذا الإِدعاء أبداً، وإِنّما كان يقول: بإنّه عبدٌّ لله، ولا معنى أساساً لأن ننسب علاقة الأبوة والبنوة الخاصّة بعالم المادة وعالم الممكنات بين الله وعباده أبداً.
3 ـ اقتباس هذه الخرافات
يقول القرآن المجيد في الآية محل البحث: أنّهم ـ أي اليهود والنصارى ـ يضاهئون ـ أي يُشبهون بانحرافاتهم ـ الذين كفروا والمشركين.
وهذا التعبير يشير إِلى أنّهم مقلّدون إِذ كانوا يعتقدون بأنّ بعض الآلهة هو إِله

الأب، وبعضها إِله الابن، وحتى أنّ بعضهم كان يعتقد بأنّ هناك إِله الأُم، وإِله الزوج، وقد لوحظت مثل هذه الافكار في جذور عقائد المشركين في الهند أو الصين أو مصرالقديمة ثمّ تسرّبت إِلى اليهود والنصارى.
وفي العصر الحاضر خَطَر عند بعض المحقّقين أن يوازن ويقارن بين ما في العهدين «التوراة والإِنجيل ومايرتبط بهما» وبين عقائد البوذيين والبرهمائيين، فاستنتجوا أن كثيراً من معارف الإِنجيل والتوراة تتطابق مع خرافات البوذيين والبرهمائيين تطابقاً ملحوظاً، حتى أنّ بعض الحكايات والقصص الموجودة في الإِنجيل هي الحكايات والقصص ذاتها الموجودة في الديانة البوذائية والبرهمائية.
وإِذا كان المفكرون توصّلوا اليوم إِلى مثل هذه الحقيقة، فإنّ القرآن أشار إِليها قبل أربعة عشر قرناً في الآية محل البحث.
4 ـ ما هو معنى (قاتلهم الله)
جملة وإِن كان معناها في الأصل أنّ الله مقاتلٌ إيّاهم وما إِلى ذلك، لكن كما يقول الطبرسي في مجمع البيان نقلا عن ابن عباس، إِن هذه الجملة كناية عن اللعنة أي أنّ الله أبعدهم عن رحمته، فهو دعاء عليهم.
وفي الآية التالية إِشارة إِلى شركهم العملي في قبال الشرك الإِعتقادي، أو بعبارة أُخرى إشارة إِلى شركهم في العبادة، إِذ تقول الآية: 
(اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم).
«الأحبار» جمع حبر، ومعناه العالم، و«الرهبان» جمع راهب وتطلق على من ترك دنياه وسكن الدير وأكبّ على العبادة.
وممّا لا شك فيه أنّ اليهود والنصارى لم يسجدوا لأحبارهم ورهبانهم، ولم يصلوا ولم يصوموا لهم، ولم يعبدوهم أبداً، لكن لما كانوا منقادين لهم بالطاعة دون قيد أو شرط، بحيث كانوا يعتقدون بوجوب تنفيذ حتى الاحكام المخالفة لحكم

الله من قبلهم، فالقرآن عبّر عن هذا التقليد الأعمى بالعبادة.
وهذا المعنى واردٌ في رواية عن الإِمامين الباقر والصادق(عليهما السلام) إِذا قالا: «أمّا والله ما صاموا لهم ولا صلّوا، ولكنّهم أحلّوا لهم حراماً وحرّموا عليهم حلالا، فاتبعوهم وعبدوهم من حيث لا يشعرون».(1)
وفي حديث آخر، أنّ عديّ بن حاتم قال: وفدت على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وكان في رقبتي صليب من الذّهب، فقال لي(صلى الله عليه وآله وسلم): يا عدي ألق هذا الصنم عن رقبتك، ففعلت ذلك، ثمّ دنوت منه فسمعته يتلو الآية 
(اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً)
 فلمّا أتم الآية قلت له: نحن لا نتّخذ أئمتنا أرباباً أبداً، فقال: «ألم يحرموا حلال الله ويحلّوا حرامه فتتبعوهم؟ فقلتُ: بلى، فقال: فهذه عبادتهم».(2)
والدليل على هذا الموضوع واضح، لأنّ التقنين خاص بالله، وليس لأحد سواه أن يحل أو يحرم للناس، أو يجعل قانوناً، والشيء الوحيد الذي يستطيع الإِنسان أن يفعله هو اكتشاف قوانين الله وتطبيقها على مصاديقها.
فبناءً على ذلك لو أقدم أحد على وضع قانون يخالف قانون الله، وقبله إِنسان آخر دون قيد أو اعتراض او استفسار فقد عبد غيرالله، وهذا بنفسه نوع من أنواع الشرك العملي، وبتعبير آخر: هو عبادة غيرالله.
ويظهر من القرائن أنّ اليهود والنصارى يرون مثل هذا الإِختيار لزعمائهم، بحيث لهم أن يغيّروا ما يرونه صالحاً بحسب نظرهم، وما يزال بعض المسيحيين يطلب العفو من القسيس فيقول له القسّ، عفوت عنك! وكان ـ منذ زمن ـ موضوع صكوك الغفران رائجاً.
وهناك لطيفة أُخرى ينبغي الإِلتفات إِليها، وهي أنّه لما كانت عبادة المسيحيين لرهبانهم تختلف عن عبادة اليهود لأحبارهم، فالمسيحيون يرون المسيح ابن الله
____________________________
1 ـ مجمع البيان، ذيل الآية ونور الثقلين، ج 2، ص 209.
2 ـ مجمع البيان، ذيل الآيه.

الأربعاء، 23 مارس 2016

وجوب تزكية النفس .....إلهي كفى بي عزاً أن اكون لك عبداً وكفى بي فخراً أن تكون لي رباً أنت كما أحب فاجعلني كما تحب

وجوب تزكية النفس


بسم الله الرحمن الرحيم 
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين الى يوم الدين 
  1. عن أمير المؤمنين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين الإمام علي بن أبي طالب وصي رسول الله محمد صلوات الله عليهما
  2. إلهي كفى بي عزاً أن اكون لك عبداً وكفى بي فخراً أن تكون لي رباً أنت كما أحب فاجعلني كما تحب 

وجوب تزكية النفس
الحمد لله رب العالمين، الذي خلق النفوس وسوَّاها فألهمهما فجورها وتقواها، والصلاة والسلام على خاتم أنبياء الله ورسله، المصطفى محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الذي بعثه سبحانه وتعالى ليتمِّم مكارم الأخلاق ويكون الفرد الأكمل من بين كل العباد، وأمرنا سبحانه وتعالى أن نتّخذه قدوة ومثالاً لنكون الأمناء والأولياء على سيرة الأنبياء عليهم السلام، فنرثهم أعمالنا لا بأقوالنا فقط، ونكون مسلمين إبراهيميين حقاً.
قال الله تعالى: 
{إنَّ أولى الناس بإبراهيم للَّذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا} .
فالأنبياء جميعاً هُذِّبت نفوسهم، وطُهِّرت قلوبهم.. وعملوا على أن يكون أتباعهم كذلك على نهجهم، فأشرفوا مباشرة وبأنفسهم على تهذيب أتباعهم وتزكيتهم وتأديبهم وتعليمهم الأخلاق العالية والأعمال السامية حتى يميّزوا على غيرهم من بني البشر. وإلا فما الفرق بين المؤمن وغيره إن كانت أعمالهم واحدة؟
وها هو رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقف مخاطباً حبيبه أبا ذر، قائلاً: "يا أبا ذر حاسب نفسك قبل أن تحاسب، فهو أهون لحسابك غداً، وزِن نفسك قبل أن توزن، وتجهز للعرض الأكبر، يوم تُعرض لا تخفى على الله خافية" .
تخيّل نفسك، أيها الأخ الكريم، لو كنت في زمن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أفلا يأمرك بالخير والبر والإحسان وحسن الخُلق والصبر وكظم الغيظ وكفِّ الأذى، والرأفة، والرحمة والحِلْم، والتواضع، والإحسان للمحتاجين، وخدمة المساكين، وحبّ المؤمنين صدقاً؟
ألا تعتقد أيها الأخ الحبيب أنك لو تشرَّفت بلقاء رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لكان نهاك عن الغضب، والرياء، والغيبة، وسوء الخلق، والتكبُّر وأفعال المنكر كلها؟
أفلا تلاحظ معي يا أخي، أن الله سبحانه وتعالى خاطب نبيه قائلاً له:
 {وإنَّك لعلى خلق عظيم} .
ولقد اختار الله هذه الصفة من النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لتخلد إلى يوم القيامة، بالرغم من أن شخصية الرسول صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كانت كمالاً، في سائر الصفات الخُلقية.
إنَّ مسألة تهذيب النفس لا تتعلق بجماعة أو بفئة أو بطبقة، كما يعتقد البعض، أو كما يوصي بذلك أتباع بعض الأديان المشركة. بل هي تتعلق بكل فرد أسلم وجهه لله مشرّفاً باتِّباع دين الإسلام. معتزّاً بالانتماء إلى أمَّة المصطفى محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.
فلا تستغرب، يا أخي، لو علمت أن الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم، قد أفتوا بوجوب تهذيب النفس على كل مكلَّف، ومن أصرَّ على خلاف ذلك فهو مأثوم شرعاً، مُدان أمام رب العالمين سبحانه وتعالى.
واعلم أن ليس لك فضل على أحد من المؤمنين إلا بقدر ما تقدم باكتساب الصفات الخُلقية، واجتناب المعاصي والذنوب فها هو أحد المؤمنين الملتزمين يأتي إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مستفسراً عن نوعية الإيمان المفضلة والمحببة أكثر، فيقول: "يا رسول الله، أي المؤمنين أفضلهم إيماناً؟". فيجيبه رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بقوله:
 "أحسنهم خُلُقاً".
كان الجواب حاسماً وبعيداً عن أي شبهة أو التباس، حتى لا يتفاضل المؤمنون بعضهم على البعض، بالحَسَب أو النَسَب أو المال أو القوة.. ولتكون المفاضلة بحسن الخُلُق فقط.
صلَّى الله عليك يا سيدي يا رسول الله أن هَدَيْتنا بهذا الهدي فزدتنا شرفاً وعزَّة وكرامة بين الناس، في الدنيا، وبين الأولين والآخرين في الآخرة.
صلَّى الله عليك يا رسول الله وأنت تتواضع وتعلّمنا التواضع.. فبالرغم من أنك أكمل العباد خلقاً وأعلاهم درجة، نراك تدعو الله سبحانه وتعالى ليزيدك هذا الفضل، حيث روي عنك قولك: 
"اللَّهمَّ قد حَسَنْتَ خَلْقي فحسِّن خُلُقي.. اللَّهمَّ إنِّي أسألك الصحة والعافية وحسن الخُلُق".
فلماذا لا نكرر معك هذا الدعاء؟!
ولماذا لا نسأل الله سبحانه حسن الخلق كما كنت تفعل؟.. وأنْتَ مَن أنت في العلو والرفعة والسمو... ونحن مَنْ نحن! الغارقون بذنوبنا، المستهلكون في آثامنا، الغافلون عن مصيرنا.
كيف لا نسعى لاكتساب مكارم الأخلاق التي أوصيتَ بها فنقترب رويداً رويداً من درجة الصالحين والسالكين والعارفين، فنقلّد أعمالهم ونسعى إليهم.. وقد أوصى علماء الأخلاق بذلك في بداية السفر إلى الله سبحانه!!.
فيا أخي المؤمن، إعلم أن أعمالك المختلفة التي تظنَ بها خيراً، مرتبطة في صلاحها أو فسادها بحسن الخُلق أو بسوئه، حيث روي أنَّ "سوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخلُّ العسل".
تصوَّر أنَّ العسل تضرب به الأمثال، في طيب مذاقه، وحلاوة طعمه ثم يُفسد بسرعة إذا جعل فوقه القليل من الخل، وهكذا كل أعمالك، إذا داخلها سوء الخلق، كالرياء والعجب مثلاً، فإنَّها تذهب هباء منثوراً..
تصوَّر أنَّ صلاتك، وصومك، وحجَّك، وجهادك، وسائر أعمالك، مرهونة بحسن الخلق لتثاب وتؤجر عليها.. أو بسوء الخلق ليضرب بها عُرض الحائط وتكون نسياً منسيّاً.
علينا إذاً أن نتذكر أموراً ثلاثة، نستفيدها مما تقدم، حتى لا تكون هذه الكلمات حجَّة علينا بل حجَّة لنا:
أولاًإن تهذيب النفس وتزكيتها هما من دأب أنبياء الله ورسله والصالحين من عباد الله عبر التاريخ.
ثانياً: إننا بقدر ما نتقدم في هذه المقامات بقدر ما نقترب من رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الذي 
ما بعث إلا ليتمم مكارم الأخلاق.
ثالثاًإن كل أعمالنا في الدنيا يرتهن ثوابها في الآخرة بانتهاج هذا المنهج وسلوك هذا المسلك.
"اللَّهمَّ صلِّ على محمد وآله وبلّغ إيماني أكمل الإيمان، واجعل يقيني أفضل اليقين، وانته بنيتي إلى أحسن النيات، وبعملي إلى أحسن الأعمال، اللَّهمَّ وفِّر بلطفك نيّتي، وصحح بما عندك يقيني، واستصلح بقدرتك ما فسدَ منِّي، اللَّهمَّ صلِّ على محمد وآله واكفني ما يشغلُني الاهتمام به واستعمِلني بما تسألني غداً عنه، واستفرغ أيَّامي فيما خلقتني له وأغنني وأوسع عليَّ في رزقك ولا تفتنّي بالنظر، وأعزَّني، ولا تبتليني بالكِبر، وعبدني لك، ولا تُفسد عبادتي بالعجب، وأجر للناس على يدي الخير، ولا تمحقه بالمن، وهب لي معالي الأخلاق واعصمني من الفخر، اللَّهمَّ صلِّ على محمد وآله ولا ترفعني في الناس درجة إلاَّ حططتني عند نفسي مثلها، ولا تُحدث لي عزّاً ظاهراً إلاَّ أحدثت لي ذلَّة باطنة عند نفسي بقدرها..".

كيف نعرف عيوب أنفسنا
لا بدَّ لنا أخي القارىء من معرفة عيوب أنفسنا حتى نبدأ بعلاجها لأن الداء إذا عُرف، عرف الدواء.
وبما أن تهذيب النفس وتزكيتها واجب على كل إنسان، فلا مفر له من أن يقوم بالتفتيش عن طرق معرفة عيوب النفس ونقاط ضعفها، وفي هذا المجال يذكر علماء الأخلاق سبلاً ثلاثة نستطيع من خلالها أن ندد بدقّة عيوب أنفسنا.
هذه الطرق الثلاث من السهل أن نتعلّمها، ولكن العلم في مثل هذه الأمور فقط، لا يكفي إن لم يكن هناك قرار حاسم وجازم في الأخذ بها، ولأن إهمالها سيؤدي إلى استفحال أمراض النفس وأهوائها.. وبالتالي يكون الهلاك الأبدي، لأن هناك الروح أشد وأفدح من هلاك الجسد.
إن هلاك الجسد فيه خسارة الدنيا فقط، أما هلاك الروح ففيه خسارة الدنيا والآخرة واستحقاق العذاب الدائم والفراق الأليم، الذي يصفه أمير المؤمنين عليه السلام في دعاء كميل بقوله: "فهبني صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك؟!".
فمرض النفس وانحرافها أشد إيلاماً من مرض الجسد ووجعه، كما هو واضح من خلال مشاكلنا وهمومنا اليومية.
وهل يمكن لنا جميعاً أن نتيعها ونأخذ بها أم هي بمقدور بعضنا فقط؟!
الحق يقال: إنَّنا جميعاً بحاجة لمعرفة هذه الطرق التي نستطيع أن نطبقها إذا أردنا ذلك وأخلصنا النيَّة لله تعالى. وهذه الطرق هي:
أولاً: أن يتخذ الواحد منَّا أخاً مراقباً لأعماله، صادقاً، ورعاً، مخلصاً، متبصّراً في أمور الدين، حريصاً على رضى الله سبحانه، لا يتملّقه ولا يداريه، وذلك ليدله على عيوبه.
ثانياً: أن نتخذ قدوة لنا نتبعه في سائر أعمالنا: حركاته وسكناته إذا توفر لنا ذلك، وإن كان من الصعب وجود مثل هذا النموذج بسهولة بحسب الأمكنة والأزمنة والتوفيق.
ثالثاً: أن ننظر إلى عيوب الناس التي ننتقدهم من أجلها. ولا نريدها لهم، فمن باب أولى أن لا نرضى هذه الأمور لأنفسنا أيضاً كما لا نرتضيها لغيرنا.
إن الطريقة الأولى التي نكتشف بها عيوبنا الخُلُقية، هي أن يتخذ كل واحد منَّا أحد إخوانه أو أصدقائه، كرقيب وناصح له بكل جدّية وإخلاص، ليذكر له عاداته السيّئة وأعماله القبيحة وتصرّفاته أو كلماته المنبوذة، ويشير إليها لا تشفّياً أو شماتة، بل حبّاً وحرصاً عليه وعلى دنياه وآخرته، وسمعة الدين وصيت المؤمنين.
ولا شك أنَّ هذا الأخ الذي نريد أن نختاره في هذا الموضع الهام والخطير، يجب أن تتوافر فيه صفات التديّن والصدق والورع والتقى والإخلاص وعدم المجاملة والخوف من إظهار الحق.. لأن الذي يحبّك صدقاً هو الذي لو رأى عقرباً في ثيابك لدلّضك عليه حتى لا يؤذيك، وليس من الحب والإخلاص أن يسكت عن ذلك ليوقع بك الأذيَّة، فكيف يا ترى لو كان العقرب سينال من نفسك وروحك وطهارتك وعبادتك؟ لا شك أن الخطورة عندها تكون أعظم وأكثر هولاً.
ومن الأفضل أن يكون هذا الأخ المؤمن ممن عرفك منذ مدة طويلة، كسنوات مثلاً، وكلما كانت أطول كانت أفضل، حتى يكون أبصر بتصرفاتك، وأعمالك وطريقة عيشك وتعاملك مع الآخرين.
وعليك أن تظهر له بصدق أنك تودّ الاستماع إلى ملاحظاته وتنبيهاته بلا تذمّر ولا حذر، وإذا ما دلَّك إلى شيء منها عليك أن تشكره شكراً صادقاً على ما أرشدك إليه، بعد أن تشكر الله سبحانه وتعالى أن سخَّر لك عبداً من عبيده ليكون عيناً ساهرة عليك، يذكِّرك إذا نسيت، ويوقظك إذا سهوت، وينبّهك إذا انحرفت، ويقوِّم اعوجاجك إذا رأى فيكَ اعوجاجاً.
ونتذكر هنا الرواية المباركة التي تقول: "رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي".
وهذا الأسلوب، من أفضل الأساليب الناجحة والمجرّبة لمعرفة عيوب النفس وعوراتها. وهنيئاً لمن كان له صديق كهذا الصديق.
أمَّا الطريقة الثانية التي نكتشف بها عيوبنا الخُلُقية فهي أن نتّخذ قدوة لنا وأسوة حسنة، نتبعه في حركاته وسكناته وقيامه وقعوده وكيفية مأكله ومشربه وملبسه ومنامه وكلماته وجلساته وصلواته وتعقيباته وسائر أعماله. وهذه القدوة يمكن أن تكون شيخاً أو عالماً أو مؤمناً أو جاراً صالحاً.. نشأ وترعرع وتربى وعرف واشتهر بالخير والصلاح بين القوم وفي منطقته... وهؤلاء عادة إذا توفروا فمن عادتهم أنهم لا يتحركون إلا طبق السنن والروايات التي وردت عن أنبياء الله سبحانه والمعصومين عليهم السلام.
وينصح علماء الأخلاق في هذا المجال بالتفتيش عن هذه النوعية من البشر وإن أضناك البحث إلا أن الفوز بواحد منهم تَتْبعه، يكون لك شيخاً أو مريداً أو أستاذاً، فيه خير الأولى والآخرة..
وورد في بعض النصوص أنهم أكثر ندرة من الكبريت الأحمر، إشارة إلى قلَّة وجودهم.
إنَّ هذه الطريقة من أكثر الطرق تأثيراً واختصاراً، في تهذيب النفس، لأنك ترى أمامك نموذجاً متحركاً فتقلّده تقليداً، وتكتسب منه بسرعة: كيف يصلّي، كيف يسجد، كيف يأكل، كيف يتحدَّث.. كيف ينام، الخ..
ولعلَّك تحظى بلقاء مختصر مع واحد من هؤلاء ولدقائق معدودة، ولكن يكون له التأثير البالغ في مجرى حياتك.. فكم من الصالحين الذين ما زالت ألسنُ آبائنا وأمّهاتنا تذكر مقدار ورعهم، وعظيم احيتاطهم، ومدى حرصهم على أمر الدين، وأخذهم بأمور الآخرة، واتباعهم سبيل الزهد.
كم من آبائنا وأمّهاتنا يذكرون لنا قصصاً عن الشيخ أو السيِّد أو الحاج الفلاني، وطريقة حياتهم، فترى أن أعمالهم موجودة وإن كانت أجسامهم مفقودة.
وتصوَّر نفسك لو حظيت مثلاً، بلقاء الإمام الخميني أعلى الله مقامه، لمدة عشر دقائق أو رافقته في سفر معيَّن، أو التقيتما صدفة في حجّ أو زيارة.. ألا تعتقد أن هذه المدة، مهما كانت قصيرة، لها تمام التأثير على حياتك، وأنك ما زلت تذكرها وتذكر بركاتها حتى الآن؟
فهنيئاً لمن وفّقه الله لللالتقاء بواحد من هؤلاء أو من يقرب من درجاتهم هنيئاً لمن تشرّف بلقاء ومعايشة: ا لسيد ابن طاووس أو السيد بحر العلوم، أو المقدس الأردبيلي، أو ملكي تبريزي، أو السيد الطباطبائي، أعلى الله مقامهم، ونشر في الجنان أعلامهم، وحشرهم مع الأحبّة محمد وآل محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم.
وتبقى الطريقة الثالثة التي نكتشف بها عيوبنا الخلقية ألا وهي أن نرى العيوب التي تنتشر بين الناس، فنتجنّبها لأننا نكرهها لهم، فالأحرى أن نكرهها لأنفسنا. فالعيوب التي تصيب نفوسنا هي نفسها التي تصيب سائر الناس، لأن النفوس البشرية، والأهواء والشهوات واحدة، والكل منَّا ترغب نفسه الأمَّارة بالسوء بحب الدنيا والمال والرئاسة، والكل مهيّأ لأن يدخله الشيطان من باب الرياء أو العجب أو التكبُّر أو المال أو الجاه.
فأنت مثلاً ترى في بعض الناس أنهم كثيرو الكلام والثرثرة، فلماذا تتكلم كثيراً!...؟!! وتراهم أنانيين، فلماذا تكون أنانياً؟ وتنتقدهم لجبنهم أو لغيبتهم أو لريائهم أو لتكبرهم.. فلماذا تكون أنت كذلك؟!!
لماذا ترى عيوبهم ولا ترى العيوب ذاتها في نفسك، فترى القشَّة في عين أخيك ولا ترى الجذع في عينك، فمثلك إذاً كمثل الطبيب الذي يداوي الناس وهو عليل. فعليك أن تجتنب كل ما تراه مذموماً من أخلاق الناس.. وهذه الطريقة هي طريقة سيدنا عيسى ابن مريم عليهما السلام في تأديب نفسه وتهذيبها. حيث سئل عليه السلام: "يا عيسى من أدّبك؟". فقال عليه السلام: "ما أدَّبني أحد. رأيت جهل الجاهل فجانَبْته".
فعلينا بتأديب أنفسنا قبل تأديب وانتقاد غيرنا، فلعلَّ عندنا ما هو أسوأ وأخطر ممَّا عند الآخرين.
ولقد أشار أمير المؤمنين عليه السلام إلى ذلك في نهج البلاغة بقوله: "وكفى أدباً لنفسك، تجنّبك ما كرهته لغيرك".
".. إلهي إليك أشكو نفساً بالسوء أمَّارة، وإلى الخطيئة مبادرة، وبمعاصيك مولعة، ولسخطك متعرضة، تسلك بي مسالك المهالك. وتجعلني عندك أهون هالك، كثيرة العلل، طويلة الأمل.." .
وفي الختام: علينا أن نحذر الصفات المذمومة التي يجب أن نتخلص منها: إن كان بمساعدة أخ صديق، أو من خلال قدوة نتبعها، أو من خلال اجتناب ما نكره من صفات عند الناس..
كما علينا أن نعرف الحق فنتّبعه، وأن نعرف الباطل فنجتنبه.. فمن رحمة الله سبحانه علينا أن دلنا وأرشدنا إلى ما تقدم. فقد ورد في رواية مباركة: "إذا أراد الله بعبد خيراً بصره عيوب نفسه".
فهل يا ترى سنوفق لمعرفة عيوب أنفسنا، وهل سنتشرف بتطهير قلوبنا، وتصفية نفوسنا فنحظى بنظرة ربَّانية إليها..
وهل ننصت إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو يقول:
"قلوب العباد الطاهرة، مواضع نظر الله، فمن طهّر قلبه نظر إليه".
اللهم صلّ على محمد وآل محمد

واجعلني لأنعامك من الشاكرين وللآلائك من الذاكرين 

الحوار الواعي مع طفلك



الحوار الواعي مع طفلك


1- الحوار الواعي مع طفلك يستغرق ١٠-١٥ ينتهي بفائدة ونتيجة
الجدال العابث مع طفلك يستغرق ساعات وأكثر ويستمر بدون فائدة ولا نتيجة

٢- الحوار الواعي مع طفلك يمنحكما راحة البال ويعزز من تواصلكما النفسي
الجدال العابث مع طفلك يثير فضول القلق بينكما ويباعد من تواصلكما النفسي

٣- الحوار الواعي مع طفلك يسهم في جودة البناء النفسي لشخصيته
الجدال العابث مع طفلك يهلك التفاصيل الجميلة من البناء النفسي لشخصيته

٤- الحوار الواعي مع طفلك يمنحه فرصاً رائعة ليتعلم منك مهارات التواصل والتفاعل والتفاوض الإيجابية والجدال العابث يكسبه فوضى سلوكية

٥- مع الحوار الواعي مع طفلك تقل مشاكله السلوكية ويصبح أكثر مرونة
مع الجدال العابث مع طفلك تزداد مشاكله السلوكية ويصبح أكثر صلافة

٦- مع الحوار الواعي مع طفلك يتعلم منك طرق تفاعل فعالة ويمارسها في حياته
مع الجدال العابث مع طفلك يتعلم منك طفلك سلوكيات الغضب والسب والشتم

٧- الحوار الواعي مع طفلك خبرة باسمة تستقر في مناطق الفرح من ذاكرته 
الجدال العابث مع طفلك خبرة سلبية تستقر في مناطق الألم من ذاكرته.

مقال عن التربيه



مقال عن التربيه

يا لثارات الحسين




#مقال_اليوم
يقول أحد الآباء :
كنا نجتمع دوماً في بيت والدي كل يوم جمعة ، وكنت أذهب مع زوجتي وأبنائي وكذلك يفعل إخوتي 
وفي هذا اللقاء العائلي الجميل لا بد وأن تحدث من الأطفال بعض الأخطاء
وكنت حريصاً أن يظهر أبنائي بالمظهر اللائق
لكن ابني ذا العشر سنوات كان كثير المشاكل
فكنت أعاتبه أمام الجميع إذا أخطأ وأحيانا أضربه أمامهم
وكان عناده يزدادكل مرة عن التي قبلها 
وتكررت المشكلات بسبب ابني 
لدرجة أن والدي "جده" قال لي أمامه عندما تأتي لزيارتنا لا تحضره معك
هذه الكلمة كانت سبباً لحزني وغضبي وفجرت البركان في داخلي فضربته فور عودتنا الى البيت 
في اليوم التالي جلست أفكر :
الأولاد كلهم هناك يلعبون ويخطئون فلماذا يبدو للجميع أن ابني هو أسوء الحضور ؟؟؟
ماالذي يزيد أخطاءه ويظهرها بتلك الطريقة الغير لائقة ؟؟
وبعد تفكير ومراجعة للأحداث اكتشفت أنني السبب حيث ارتكبت معه خطأين :
الأول عندما نكون هناك أحرص دوماً أن يظهر بلا أخطاء فتكون عيني عليه دوماً ترصد تحركاته وتصحح تصرفاته وأنصحه أمام الجميع أولاً بأول 
وأصرخ في وجهه وقد اضربه ليكون مؤدباً هادئاً
وهذا ما لا يفعله باقي إخوتي مع أبنائهم وتلك الطريقة هي التي جعلت عيوب ابني تظهر أكثر من غيره وجعلته يعاندني أكثر فأكثر
الثاني أنني أشعر دوماُ أنه سيء وكلما اشتكى منه أحدهم أصدقه وأعاقب ابني دون أن أترك له فرصة ليدافع عن نفسه ..
طبعا فهو المشاغب والمزعج دائماً !!!!!!
وقررت أن أصحح ما أفسدت يداي فناديت على ابني وقلت له
إنني لا أريد الذهاب الى بيت جدك وحدي فلن يكون للزيارة طعم من دونك
وأنا متأكد أنك ولد جيد و ستكون هناك أفضل
فتعال نفكر معاً كيف يعرف الآخرون مافيك من خير ..
وكم فرح المسكين لكلماتي ولمعت عيناه وبدأ يفكر معي ..
ووصلنا للأفكار التالية 
_ نذهب في الزيارة القادمة لفترة خمس دقائق فقط يقدم فيها هدية لجده ولجدته ويعتذر عما فعله في الزيارات السابقة 
_ الزيارة الثانية يقوم فيها بمساعدة جدته في شيء ما (المطبخ ,, تنظيف مكان ,,حمل اطباق ) لوقت قصير وأنا أثني عليه أمام الجميع .
_الزيارة التي تليها يأخذ حلوى بسيطة ويوزعها على الأطفال أبناء عمومته 
واتفقنا على إشارة سرية بيني وبينه أقوم بها لينتبه الى ما وقع فيه من خطأ
أو أنادي عليه وأهمس في أذنه بما أريد ،ولا أحرجه أمام أحد بتوبيخ أو تعنيف 
وطبعا كنت أكافئه في طريق عودتنا على كل فعل جيد يفعله هناك وبعد تطبيق الخطة وتكرار بعض بنودها تغيرت الاحوال واصبح ابني خلال الزيارات الاسبوعيه_ بشهادة الجميع _أفضل أبناء العائلة أدباً وطاعة
مما قرأت في #كتاب بالحب نربي أبناءنا للكاتب الدكتور عبدالله عبد المعطي
كتاب ممتع وبسيط ومفيد

الجمعة، 19 فبراير 2016

اسم الله ( الرزّاق ):العلوم المقدسة تبين علميا الرزاق بالياء يا رزاق 319 القيمة له



اسم الله ( الرزّاق ):العلوم المقدسة تبين علميا الرزاق بالياء 
يا رزاق 319 القيمة له
1 – ورودُ اسم ( الرزّاق ) في القرآن والسنة:
أيها الإخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، إنه اسم ( الرزاق )، فالله سبحانه وتعالى سمّى نفسه (الرزاق) في الكتاب وفي السنة، ففي الكتاب في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58) ﴾
( سورة الذاريات)
قَالَ الراوي : أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 
(( إِنِّي أَنَا الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ))

هذا الاسم الكريم ورد مطلقاً ومعرفا بـ ( ال )مراداً به العلمية، دالا على كمال الوصفية.
2 – معنى صيغة المبالغة في ( الرزّاق ):
الله يززق النملة السمراء على الصخرة الصماء
وصيغة هذا الاسم صيغة مبالغة، وإذا جاءت أسماء الله الحسنى بصيغة المبالغة فتعني شيئين: تعني كَمًّا، وتعني نوعاً، الله عز وجل يرزق من يشاء بغير حساب، ويرزق النملة السمراء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، يرزق كل المخلوقات، لذلك الله عز وجل يقول:
﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا (6) ﴾
( سورة هود)
كلمة ( الدابة ) جاءت نكرة تنكير شمول، لتشمل هذه الكلمة كل شيء يدب على وجه الأرض، و( مِن ) تفيد استغراق أفراد النوع.
لو دخلت إلى صف وقلت: هؤلاء الطلاب لهم عندي جائزة، أي الذين أمامك، أما إذا قلت: ما من طالب في هذا الصف إلا وله عندي جائزة، شمل الغائبين، إذًا ( من ) تفيد استغراق أفراد النوع، فإذا جاءت ( على ) قبل لفظ الجلالة دلت على الإلزام الذاتي، أن الله سبحانه وتعالى ألزم ذاته العلية برزق العباد.
قوانين الرزق متحركة غير ثابتة:
أيها الإخوة، الآيات كثيرة جداً، والموضوع واسع جداً، ولكن لحكمة بالغة ثبتَ الله ملايين القوانين كي تستقر حياتنا، وكي تنتظم، ولكنه لحكمة بالغة حرك قوانين الصحة والرزق، وكأن الصحة والرزق أداتان لتربيتنا، لذلك:
﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾
( سورة الجن )
﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ ﴾
( سورة الأعراف الآية: 96 )
﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ﴾
( سورة المائدة الآية: 66 )
إقامة القرآن أحد أسباب الرزق
ويقاس على ذلك، لو أن المسلمين أقاموا القرآن الكريم لأكلوا من فوقهم، ومن تحت أرجلهم، وقد يُحرَم المرء بعض الرزق بالمعصية، إذًا حرك الله قوانين الرزق، وربطها بالإيمان والاستقامة، وإقامة أمر الله، قال تعالى:

﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) ﴾
( سورة نوح )
أيها الإخوة الكرام، ثبات آلاف القوانين من أجل استقرار الحياة، ثبات قوانين المعادن، فقد يبنى بناء شامخ، الحديد خصائصه ثابتة، لو تغيرت خصائص الحديد لانهار البناء.
ثبات خصائص البذور، ثبات ملايين القوانين، لكن الرزق ليس ثابتا، والصحة ليست ثابتة، وكأن الصحة والرزق أداتان من أدوات تربية الله لنا، فلذلك ربط الرزق أحيانا بالتقوى والاستقامة، والطاعة والاستغفار، وهناك بحث قيم جداً حول زيادة الرزق وفق الكتاب والسنة.
كلمة ( الرزق ) واسعة عي محصورة في المال:
لكن النقطة الدقيقة أن كلمة رزق أوسع بكثير من أن تكون مالاً أو طعاماً وشراباً، والدليل على ذلك قوله تعالى:
﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) ﴾
( سورة الواقعة )
فالإنسان إذا عرف الله فهذا رزق من الله، فإذا ألقى الله في قلب الإنسان الأمن فهذا من رزق الله، الأمن رزق، إذا ألقى الله في قلبك الرضا هذا رزق، إذا ألقى الله في قلبك السكينة فهذا رزق، إذا ألقى الله في قلبك الرحمة فهذا رزق، لذلك الأرزاق أوسع بكثير من أن تكون مالاً أو صحة أو طعاماً وشراباً.
الرزق هو الشيء الذي تنعم به، فنعمة الأمن من أعظم الأرزاق، والرضى من أعظم الأرزاق، والصحة من أعظم الأرزاق، لذلك العلماء أشاروا إلى ما يسمى الرزق السلبي، حينما تعافى من جميع الأمراض فهذا رزق سلبي، يمكن أن يدفع الإنسان الملايين لمعالجة جسمه من مرض عضال، حينما ينجو الإنسان من ظلم ظالم قد يبدد المال كله، هناك رزق سلبي، وهو من خصائص المؤمنين، فإذا نجاك الله من أمراض عضالة، من ظلم الظالمين فهذا رزق.
فلذلك الرزق أوسع بكثير من أن يكون طعاماً وشراباً، أو من أن يكون مالاً، لذلك إن الله يعطي الصحة والذكاء والمال والجمال للكثيرين من خلقه، و لكنه يعطي السكينة بقدر لأصفيائه المؤمنين، السكينة رزق، كما أن المال رزق، والجمال رزق، والصحة، والقوة والسكينة رزق، والرضى رزق، والحكمة رزق، قال تعالى:

﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا (269) ﴾
( سورة البقرة)
وأرزاق الله عز وجل لا تعد ولا تحصى، ولكن معظمه يستحقه المؤمن بإيمانه وتوحيده واستقامته، وإذا ذهبت لتعدد النعم التي أسبغها الله على المؤمنين فإنها نعم عظيمة لا تعد ولا تحصى.
أيها الإخوة، من أشقى الناس مَن كان رزقه من الله أن يكذب بآياته، قال تعالى:

﴿ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) ﴾
( سورة الواقعة )
بعثة النبي أعظم منحة إلهية لنا، القرآن الكريم منهج عظيم سخره الله لنا، لذلك أيها الإخوة، يجب أن نفهم مبدئياً أن الرب رب، وأن العبد عبد، بمعنى أن الله سبحانه وتعالى حينما أراد أن يؤكد بشرية الأنبياء ماذا قال ؟ قال تعالى:
﴿ وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ (20) ﴾
( سور الفرقان )
أي هم مفتقرون في وجودهم إلى تناول الطعام، ومفتقرون في ثمن الطعام إلى أن يمشوا في الأسواق، هذا شأن العبد، مفتقر إلى الطعام والشراب، ومفتقر إلى ثمن الطعام والشراب، إذًا هو يعمل، فالذي يعمل ليكسب مالاً ليشتري طعاماً ليس إلهًا.
﴿ وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ (20) ﴾
( سور الفرقان )
من معاني الرزّاق خلقُ الأرزاق بحكمة من حيث النوع والكم والوقت والتتابع:
القمح غذاء كامل
أيها الإخوة الكرام، من معاني الرزاق أنه خلق الأرزاق، كم من الدواب يذبح كل يوم على مستوى الأرض ؟ مليارات، هذا رزق العباد، كم من أطنان القمح ينتج كل عام ؟ بلدنا الطيب المتواضع ينتج أحيانا من محافظات شمال شرق ستة ملايين طن، وحاجة بلدنا كله إلى مليون طن فقط، إذًا الله عز وجل رزاق، مَن خلق هذا القمح ليكون غذاء كاملا ؟ الله جل جلاله، مَن جعل سوق القمح غذاء نموذجيا كاملا للدواب ؟ الله جل جلاله، التبن الذي هو سوق القمح هذا غذاء إستراتيجي للأنعام، من صمم القمح ليكون غذاء كاملاً ؟ عدد أنواع القمح بعشرات الألوف، هذا القمح ينبت في الصيف والشتاء، وفي قمم الجبال وفي الوديان والصحاري والسواحل، وفي المنطقة الحارة والباردة، أنواع منوعة رزقا للعباد، الله عز وجل جعل هذا الغذاء كاملا، من أعطى هذه الدابة القدرة على إنتاج الحليب ؟
مما يلفت النظر أن الغدة الثديية في البقرة شيء محير، إنها كالقبة تماماً، فوق هذه القبة شبكة أوعية دموية كثيفة جداً، وأن الخلية الثديية تختار من الدم حاجتها لتكوين الحليب، قال تعالى:
﴿ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) ﴾
( سور النحل )
أهمية البقر في إنتاج الغذاء
الفرث قد يكون سائلاً، وقد يكون غازياً، كثاني أكسيد الفحم، وقد يكون صلباً كالروث.

﴿ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66) ﴾
( سور النحل )
هذا الحليب الذي وهبنا الله إياه عن طريق الأنعام غذاء كامل، ما شرب النبي عليه الصلاة والسلام من هذا الحليب شيئاً إلا قال: اللهم زدنا منه، مشتقات الألبان غذاء أساسي للإنسان، من صممه ؟ من خلقه ؟ الله جل جلاله.
هذه الفواكه التي ترونها من صمم أنها تنضج خلال صيف بأكمله، لماذا القمح ينضج في يوم واحد ؟ والفواكه تنضج على مدى الصيف ؟
حدثني أخ كريم ضمن حقل من البطيخ قال لي: جنيت منه قدرَ تسعين سيارة، كل يوم سيارة مملوءة على مدى ثلاثة أشهر.
من جعل الفاكهة تنضج تِباعاً ؟ من برمج أن هذه فواكه تبدأ بالكرز، ثم المشمش، ثم التفاح، ثم الأجاص... من وزع نضج هذه الفواكه، وجعل آخرها العنب على مدى الصيف، تصميم من ؟ رزق من ؟
لذلك معنى الرزاق أنه خلق الأرزاق، لكن الذي يلفت النظر تناسب هذه الأرزاق مع بنية الإنسان، القمح غذاء كامل للإنسان.
حليب البقرة:
كيفية عمل ضرع البقرة
فهذه الغدة الثديية خلية تختار هي مِن شبكة الدم الذي فوقها ما يناسبها لصنع الحليب، أما كيف تختار، وكيف تصنع الحليب، هذا حتى الآن شيء غير معلوم، لكن هذه الغدة الثديية التي على شكل قبة تأخذ حاجتها من الدم، وترشح نقطَ من الحليب، هذه النقاط تجتمع في ثدي البقرة، ثدي البقرة يجمع أربعين كيلوا من الحليب، ولئلا يتمزق هذا الثدي هناك جداران داعمان متعاكسان في ثدي البقرة، ولكل جزء من هذا الثدي حلمة، لو أن أربعة إخوة لهم بقرة، كل أخ يأخذ من حلمة نصيباً متساوياً مع بقية إخوته، قال تعالى:
﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ (5) ﴾
( سور النحل )
هذا معنى اسم ( الرزاق )، من صمم هذه البقرة ؟ إنها معمل صامت رائع، تأكل الحشيش فتعطيك الحليب، من صمم الدجاجة تأكل كل شيء فتعطيك البيضة ؟ من صمم هذه الفواكه والثمار؟ هذه الخضراوات ؟ من صمم المحاصيل القمح والشعير والعدس والحمص ؟ من جعل هذه المواد متوافقة أتم التوافق مع بنية الإنسان ؟ لو أن التفاحة مثلاً بقوام لا يقطع بأسنانك ماذا تفعل ؟ لو أن طعم التفاحة لا يحتمل لا تأكلها، لو أن شكلها لا يعجبك لا تأكلها، الشكل مناسب، والطعم مناسب، والقوام مناسب، وفيها معادن، وفيها حديد، وفيها مغنيزيوم، ومواد سكرية، وحجم معتدل، ولها قشرة تحميها من العطب، هذا تصميم من ؟ لذلك أيها الإخوة، قال تعالى:
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) ﴾
( سور عبس )
هذا أمر إلهي في القرآن الكريم، وكل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، قال تعالى:
﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) ﴾
( سور عبس )
إذاً: التفكر في الرزق من موجبات القرآن الكريم، لأن القاعدة الأصولية: كل أمرٍ في القرآن الكريم يقتضي الوجوب، وأنت تأكل الطعام صباحاً وظهراً ومساءً تفكر، الزبدة من مشتقات الألبان، واللبن المصفى من مشتقات الألبان، والجبنة من مشتقات الألبان، والقشطة من مشتقات الألبان، والسمن من مشتقات الألبان، ما هذه الألبان التي أكرمنا الله بها ؟
الأرزاق متناسبة مع بنية الجسم:
لذلك أيها الإخوة، مما يلفت الأنظار أن هذه الأرزاق متناسبة تناسباً رائعاً مع بنية الجسم.
أحياناً تشتري قطعة لمركبتك، حينما تأتي في مكانها الصحيح، على مستوى الميليمتر معنى ذلك أن المعمل واحد، المعمل الذي صنع السيارة هو الذي صنع هذه القطعة، وتناسب الأرزاق بدءاً من العدس والشعير، والقمح والحمص إلى الخضراوات إلى فواكه، إلى الألبان إلى العسل، تناسب هذه الأرزاق مع بنية الجسم هذا من صنع الحكيم، وهذا يؤكد اسم ( الحكيم ) أيضا.
كيف يكسب الناس الأرزاق ؟
شيء آخر، كيف تكسب هذا الرزق ؟ جعل لك معايش، هذا معنى دقيق جداً، فكم من إنسان في الأرض يعيش على طول الشعر ؟ ملايين، كم من إنسان يعيش على الحر المكيفات والبرادات والثلج ؟ كم من إنسان يعيش على الحر ؟ كم من إنسان على الأرض يعيش على البرد ؟ كم من إنسان في الأرض يعيش على جهل الصغار بالتعليم والجامعات، كم من إنسان يعيش على المرض ؟ كم من طبيب في الأرض ؟ معنى معايش أي: أسباب لكسب الرزق، وجعلها متناسبة مع الإنسان، ثم أعطاك وسائل كسب الرزق.
إنّ الإنسان يتمتع بخبرة عالية، هذه الخبرة مودعة في ذاكرته، والإنسان يتبدل تبدلا كاملا كل خمس سنوات، إلا دماغه وقلبه، إذا تبدل الدماغ خسر كل خبرته، فيقول: أنا كنت طبيبا، لكن ثبات خلايا الدماغ مِن نعمِ الله الكبرى.
الخبرات:
وأحد أسباب كسب الرزق خبراتك، والخبرات التي تملكها إما خبرات في الطب، أو الهندسة، أو الفيزياء، أو الكيمياء، أو الرياضيات، أو الفلك، أو في صنعة، أو في حرفة، أو في مهارة، أو في شيء آخر، فكلّ إنسان يعيش بالخبرة التي يملكها من حرفة يحترفها، من مهنة يمتهنها، فهي خبرات متراكمة.
إذاً: الله عز وجل فضلاً على أنه خلق لك الأرزاق، وجعلها متوافقة توافقا تاماً مع خلق الإنسان، أعطاك وسائل لكسب الرزق، كل واحد منا له عمل، والعمل بفضل مهارات يملكها وخبرات، هذا بالتجارة، هذا بالصناعة، هذا بالزراعة، هذا بالطب، هذا بالهندسة، هذا بالتدريس، هذا بالفيزياء، بالكيمياء، بالحقوق لحل مشكلات الناس، كل إنسان يعيش من حرفة، من مجموعة خبرات متراكمة يستخدمها لكسب المال، إذاً: الله عز وجل جعل لك معايش، والآية دقيقة:
﴿ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ (10) ﴾
( سور الأعراف )
يعني وسائل فعالة لكسب الرزق.
بين فقرِ القدَر وفقرِ الكسل فقرِ الإنفاق:
أيها الإخوة الكرام، لكنك إذا رأيت إنساناً فقيراً فأنا لي رأي في هذا الموضوع، هناك فقر القدر، إنسان معه عاهة معذور عند الله، هذا قضاء الله وقدره، وله حكمة بالغة، عرفها مَن عرفها، وجهلها مَن جهلها، لكن هناك الفقر المذموم، وهو فقر الكسل، هذا صاحبُه يرجئ، ولا يتقن عمله، بل يقصر ويغش أحياناً، هذا الإنسان إذا كان فقيراً ففقره من خطأ يرتكبه، إنه الكسل، أنا أسميه فقر الكسل، وهناك فقر الإنفاق، فقر سيدنا الصديق حينما أنفق ماله كله، فقال: يا أبا بكر، ماذا أبقيت لنفسك ؟ قال: أبقيت الله ورسوله، هناك فقر القدر، وفقر الكسل، وفقر الإنفاق.
أسباب الرزق:
لكن الرزق أيها الإخوة له سببان أساسيان، أن تأخذ في أسباب الرزق، ثم تتوكل على الله.
السبب الأول: الأخذ بالأسباب:
عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَمَّا أَدْبَرَ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ))
[ أبو داود وأحمد ]
أن أسعى، أن أخرج من البيت، أن أقرأ الصحف التي فيها إعلانات لأعمال، أن أتحرك.
السبب الثاني: التوكُّل على الله:
ثم أتوكل، لذلك لما سيدنا عمر رأى أناساً يتكففون الناس في الحج فقال: << من أنتم ؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: كذبتم، المتوكل من ألقى حبة في الأرض، ثم توكل على الله >>.
يدرس، يجمع الخبرات، يطرق أبواب الوزارات، أحياناً يفتح الصحف التي فيها إعلانات عمل، هذا هو السعي، وبعدئذ يتوكل على الله عز وجل.
أيها الإخوة الكرام، لكن آية مهمة جداً تحتاج إلى شرح طويل، هي قوله تعالى:
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) ﴾
( سورة الطلاق )
تقوى الله تفتح أبواب الرزق
أنا متى أقول: أين المخرج ؟ حينما تكون الأبواب كلها مغلقة أبحث عن المخرج، أحيانا كلما طرقت باباً رأيته مسدودا، فباب الوظيفة مسدود، وباب التجارة مسدود، وباب الصناعة مسدود مثلاً، فالرزق أحياناً يجعلك في حيرة من أمرك، الأبواب كلها مغلقة، اتق الله، طبق منهج الله، وانتظر أن يفتح الله لك أبواب رزقه، هذه آية، ولزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين، والآية وعد:

﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾
( سورة الطلاق )
هذا الكلام موجه للشباب، الشاب بحاجة إلى عمل، بحاجة إلى مسكن، بحاجة إلى زوجة، وقد يتوهم أحياناً أن الطرق كلها مسدودة.
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) ﴾
( سورة الطلاق )
هذا كلام خالق الأكوان، هذا كلام من هو طليق الإرادة، هذه الآية وما فيها من وعد لا علاقة لها بالظروف كلها، ظروف صعبة، بطالة، فرص عمل قليلة، هذا كله كلام غير مقبول.
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ (3) ﴾
( سورة الطلاق )
ولهذه الآية وقفة متأنية إن شاء الله في لقاء قادم.
والحمد لله رب العالمين
النابلسي